الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ }

قوله: سلكناه: أي أدخلناه كما قدمنا إيضاحه بالآيات القرآنية والشواهد العربية في سورة هود، في الكلام على قوله تعالى:قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } [هود: 40] الآية، والضمير في سلكناه قيل: للقرآن، وهو الأظهر، وقيل: للتكذيب والكفر المذكور في قوله:مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } [الشعراء: 199]، وهؤلاء الكفار الذين ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم: هم الذين حقت عليهم كلمة العذاب، وسبق في علم الله: أنهم أشقياء كما يدل لذلك قوله تعالى:إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } [يونس: 96ـ97] وقد أوضحنا شدة تعنت هؤلاء، وأنهم لا يؤمنون بالآيات في سورة الفرقان وفي سورة بني إسرائيل وغيرهما. وقوله: { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ } نعت لمصدر محذوف أي كذلك السلك أي الإدخال. سلكناه: أي أدخلناه في قلوب المجرمين، وإيضاحه على أنه القرآن أن الله أنزله على رجل عربي فصيح بلسان عربي مبين، فسمعوه وفهموه لأنه بلغتهم، ودخلت معانيه في قلوبهم، ولكنهم لم يؤمنوا به، لأن كلمة العذاب حقت عليهم، وعلى أن الضمير في سلكناه للكفر والتكذيب فقوله عنهممَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } [الشعراء: 199] يدل على إدخال الكفر والتكذيب في قلوبهم، أي كذلك السلك سلكناه إلخ.