الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ } * { ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن المؤمنين المتصفين بالصفات، التي قدمناهم الوارثون، وحذف مفعول اسم الفاعل الذي هو الوارثون، لدلالة قوله: { ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ } عليه. والفردوس: أعلا الجنة، وأوسطها، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن جل وعلا، وعبر تعالى عن نيل الفردوس هنا باسم الوارثة.

وقد أوضحنا معنى الوارثة والآيات الدالة على ذلك المعنى، كقوله تعالى:تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً } [مريم: 63] وقوله:وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [الأعراف: 43] وقوله تعالىوَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ } [الزمر: 74] الآية في سورة مريم في الكلام على قوله:تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً } [مريم: 63] فأغنى ذلك عن إعادته هنا، وقرأ هذا الحرف: حمزة والكسائي: على صلاتهم بغير واو، بصيغة الإفراد وقرأ الباقون: على صلواتهم بالواو المفتوحة بصيغة الجمع المؤنث السالم والمعنى واحد، لأن المفرد الذي هو اسم جنس، إذا أضيف إلى معرفة، كان صيغة عموم كما هو معروف في الأصول. وقوله هنا: { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } أي بلا انقطاع أبداً، كما قال تعالىعَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } [هود: 108] أي غير مقطوع. وقال تعالى:إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } [ص: 54] وقال تعالى:مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ } [النحل: 96] كما قدمناه مستوفى.