الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي ٱلأَمْرِ وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ }

قوله تعالى: { لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ }.

الأظهر في معنى قوله { مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ } أي متعبداً هم متعبدون فيه، لأن أصل النسك التعبد وقد بين تعالى أن منسك كل أمة فيه التقرب إلى الله بالذبح، فهو فرد من أفراد النسك صرح القرآن بدخوله في عمومه. وذلك من أنواع البيان الذي تضمنها هذا الكتاب المبارك.

والآية التي بين الله فيها ذلك هي قوله تعالى:وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ } [الحج: 34] الآية وقوله { لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً } في الموضعين قرأه حمزة والكسائي بكسر السين والباقون بفتحها.

قوله تعالى: { وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ }.

أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة: أن يدعو الناس إلى ربهم أي إلى طاعته، وطاعة رسله، وأخبره فيها أنه على صراط مستقيم: أي طريق حق واضح لا اعوجاج فيه، وهو دين الإسلام الذي أمره أن يدعو الناس إليه وما تضمنته هذه الآية الكريمة من الأمرين المذكورين، جاء واضحاً في مواضع أخر كقوله في الأول منهماوَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ ٱللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [القصص: 87] وقوله تعالىفَلِذَلِكَ فَٱدْعُ وَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ } [الشورى: 15] الآية وقوله تعالىٱدْعُ إِلِىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ } [النحل: 125] وأخبر جل وعلا أنه امتثل الأمر بدعائهم إلى ربهم في قوله تعالىوَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [المؤمنون: 73] وقوله:وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [الشورى: 52] وكقوله في الأخيرفَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّكَ عَلَى ٱلْحَقِّ ٱلْمُبِينِ } [النمل: 79] وقولهثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا } [الجاثية: 18] الآية وقوله تعالىوَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } [الفتح: 2]. والآيات بمثل هذا كثيرة.