الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ } * { كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ }

قوله تعالى { يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }. وذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة امتنانه على بني إسرائيل بإنجائه إياهم من عدوهم فرعون، وأنه واعدهم جانب الطور الأيمن، وأنه نزل عليهم المن والسلوى، وقال لهم كلوا من طيبات ما رزقناكم. ولا تطغوا فيغضب عليكم ربكم. وما ذكره هنا أوضحه في غير هذا الموضع. كقوله في امتنانه عليهم بإنجائهم من عدوهم فرعون في " سورة البقرة "وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } البقرة 49، وقوله في " الأعراف "وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } الأعراف 141، وقوله في " الدخان "وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } الدخان 30-31، وقوله في سورة " إبراهيم "وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ } إبراهيم 6، وقوله في " الشعراء "كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } الشعراء 59 الآية، وقوله في " الدخان "كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ } الدخان 28، وقوله في " الأعراف "وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا } الأعراف 137 الآية، وقوله في " القصص "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً } القصص 5 إلى قولهيَحْذَرونَ } القصص 6 إلى غير ذلك من الآيات. وقوله هنا { وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنَ } الأظهر أن ذلك الوعد هو المذكور في قولهوَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ } الأعراف 142 الآية، وقولهوَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً } البقرة 51 الآية، وقولهأَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً } طه 86 وهو الوعد بإنزال التوراة. وقيل فيه غير ذلك. وقوله هنا { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ } قد أوضح امتنانه عليهم بذلك في غير هذا الموضع. كقوله في " البقرة "وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ } البقرة 57 وقوله في " الأعراف "وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ } الأعراف 160 وأكثر العلماء على أن المن الترنجبين، وهو شيء ينزل من السماء كنزول الندى ثم يتجمد، وهو يشبه العسل الأبيض. والسلوى طائر يشبه السمانى. وقيل هو السمانى. وهذا قول الجمهور في المن والسلوى. وقيل السلوى العسل. وأنكر بعضهم إطلاق السلوى على العسل. والتحقيق أن " السلوى " يطلق على العسل لغة. ومنه قول خالد بن زهير الهذلي
وقاسمها بالله جهداً لأنتم ألذ من السلوى إذا ما نشورها   

السابقالتالي
2 3