الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ }

قوله تعالى { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ }. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه يجازي المسرفين ذلك الجزاء المذكور. وقد دل مسلك الإيماء والتنبيه على أن ذلك الجزاء لعلة إسرافهم على أنفسهم في الطغيان والمعاصي، وبين في غير هذا الموضع أن جزاء الإسراف النار، وذلك في قوله تعالىوَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } غافر 43 وبين في موضع آخر أن محل ذلك إذا لم يُنيبوا إلى الله ويتوبوا إليه، وذلك في قولهقُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ } الزمر 53 إلى قولهوَأَنِـيبُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ } الزمر 54 الآية. قوله تعالى { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ }. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن عذاب الآخرة أشد وأبقى. أي أشد ألماً وأدوم من عذاب الدنيا، ومن المعيشة الضنك التي هي عذاب القبر. وقد أوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع. كقوله تعالىوَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } الرعد 34، وقوله تعالىوَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } فصلت 16، وقوله تعالىوَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } الزمر 26، إلى غير ذلك من الآيات.