قوله تعالى { خُذُواْ مَآ آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُواْ }. قال بعض العلماء هو من السمع بمعنى الإجابة، ومنه قولهم سمعاً وطاعة أي إجابة وطاعة، ومنه سمع الله لمن حمده في الصلاة أي أجاب دعاء من حمده، ويشهد لهذا المعنى قوله{ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } النور 51، وهذا قول الجمهور، وقيل إن المراد بقوله { وَٱسْمَعُواْ } أي بآذانكم، ولا تمتنعوا من أصل الاستماع. ويدل لهذا الوجه أن بعض الكفار ربما امتنع من أصل الاستماع خوف أن يسمع كلام الأنبياء، كما في قوله تعالى عن نوح مع قومه{ وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ ٱسْتِكْبَاراً } نوح 7. وقوله عن قوم نبينا صلى الله عليه وسلم{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } فصلت 26، وقوله{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } الحج 72، وقوله { قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا }. لأن السمع الذي لا ينافي العصيان هو السمع بالآذان دون السمع بمعنى الإجابة.