الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَٰـنَا فَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ }

قوله تعالى { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا }. لم يبين هنا هل أجاب دعاءهم هذا أو لا؟ وأشار إلى أَنه أجابه بقوله في الخطأوَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ } الأحزاب 5 الآية. وأشار إلى أنه اجابه في النسيان بقولهوَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } الأنعام 68 فإنه ظاهر في أنه قبل الذكرى لا إثم عليه في ذلك ولا يقدح في هذا أن آية { { وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَانُ } مكية وآية { لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ } مدنية إذ لا مانع من بيان المدني بالمكي كعكسه. وقد ثبت في صحيح مسلم أن النَّبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا } قال الله تعالى نعم. قوله تعالى { رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا }. لم يبين هنا هل أجاب دعاءهم هذا أو لا؟ ولم يبين الإصر الذي كان محمولاً على من قبلنا، وبين أنه أجاب دعاءهم هذا في مواضع أخر كقولهوَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } الأعراف 157 وقولهلاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } البقرة 286 وقولهوَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } الحج 78 وقولهيُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ } البقرة 185 الآية. إلى غير ذلك من الآيات. وأشار إلى بعض الإصر الذي حمل على من قبلنا بقولهفَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } البقرة 54. لأن اشتراط قتل النفس في قبول التوبة من أعظم الإصر، والإصر الثقل في التكليف ومنه قول النابغة
يا مانع الضيم أن يغشى سراتهم والحامل الإصر عنهم بعدما عرفوا