قوله تعالى { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا }. لم يبين هنا هل أجاب دعاءهم هذا أو لا؟ وأشار إلى أَنه أجابه بقوله في الخطأ{ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ } الأحزاب 5 الآية. وأشار إلى أنه اجابه في النسيان بقوله{ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } الأنعام 68 فإنه ظاهر في أنه قبل الذكرى لا إثم عليه في ذلك ولا يقدح في هذا أن آية { { وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَانُ } مكية وآية { لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ } مدنية إذ لا مانع من بيان المدني بالمكي كعكسه. وقد ثبت في صحيح مسلم أن النَّبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا } قال الله تعالى نعم. قوله تعالى { رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا }. لم يبين هنا هل أجاب دعاءهم هذا أو لا؟ ولم يبين الإصر الذي كان محمولاً على من قبلنا، وبين أنه أجاب دعاءهم هذا في مواضع أخر كقوله{ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } الأعراف 157 وقوله{ لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } البقرة 286 وقوله{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } الحج 78 وقوله{ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ } البقرة 185 الآية. إلى غير ذلك من الآيات. وأشار إلى بعض الإصر الذي حمل على من قبلنا بقوله{ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } البقرة 54. لأن اشتراط قتل النفس في قبول التوبة من أعظم الإصر، والإصر الثقل في التكليف ومنه قول النابغة
يا مانع الضيم أن يغشى سراتهم والحامل الإصر عنهم بعدما عرفوا