الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

قوله تعالى { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ }. صرح في هذه الآية الكريمة بأن الله ولي المؤمنين، وصرح في آية أخرى بانه وليهم وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليهم وأن بعضهم أولياء بعض وذلك في قوله تعالىإِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } المائدة 55 الآية وقالوَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } التوبة 71 وصرح في موضع آخر بخصوص هذه الولاية للمسلمين دون الكافرين وهو قوله تعالىذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } محمد 11، وصرح في موضع آخر بأن نبيه صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو قوله تعالىٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } الأحزاب 6 وبين في آية البقرة هذه، ثمرة ولايته تعالى للمؤمنين، وهي إخراجه لهم من الظلمات إلى النور بقوله تعالى { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } البقرة 257 وبين في موضع آخر أن من ثمرة ولايته إذهاب الخوف والحزن عن أوليائه، وبين أن ولايتهم له تعالى بإيمانهم وتقواهم وذلك في قوله تعالىأَلاۤ إِنَّ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } يونس 62-63، وصرح في موضع آخر أنه تعالى ولى نبيه صلى الله عليه وسلم وأنه أيضاً يتولى الصالحين وهو قوله تعالىإِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّالِحِينَ } الأعراف 196. قوله تعالى { يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ }. المراد بالظلمات الضلالة، وبالنور الهدى، وهذه الآية يفهم منها أن طرق الضلال متعددة. لجمعه الظلمات وأن طريق الحق واحدة. لإفراده النور، وهذا المعنى المشار إليه هنا بينه تعالى في مواضع أخر كقولهوَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } الأنعام 153 قال ابن كثير في تفسير هذه الآية ما نصه ولهذا وحد تعالى لفظ النور وجمع الظلمات. لأن الحق واحد والكفر أجناس كثيرة وكلها باطلة كما قالوَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } الأنعام 153 وقال تعالىوَجَعَلَ ٱلظُّلُمَاتِ وَٱلنُّورَ } الأنعام 1 وقال تعالىعَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ } ق 17 إلى غير ذلك من الآيات التي في لفظها إشعار بتفرد الحق وانتشار الباطل وتعدده وتشعبه منه بلفظه. قوله تعالى { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ } البقرة 257 الآية. قال بعض العلماء الطاغوت الشيطان ويدل لهذا قوله تعالىإِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ } آل عمران 175 أي يخوفكم من أوليائه وقوله تعالىٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوۤاْ أَوْلِيَاءَ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً } النساء 76 وقولهأَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ } الكهف 50 الآية وقولهإِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ } الأعراف 30 الآية. والتحقيق أن كل ما عبد من دون الله فهو طاغوت والحظ الأكبر من ذلك للشيطان كما قال تعالىأَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ } يس 60 الآية وقالإِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً } النساء 117 وقال عن خليله إبراهيميٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَانَ } مريم 44 الآية وقالوَإِنَّ ٱلشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } الأنعام 121 إلى غير ذلك من الآيات.