الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ }

ظاهر هذه الآية الكريمة أن المتعة حق لكل مطلقة على مطلقها المتقي، سواء أطلقت قبل الدخول أم لا؟ فرض لها صداق أم لا؟ ويدل لهذا العموم قوله تعالىيٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } الأحزاب 28 مع قولهلَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } الأحزاب 21 الآية - وقد تقرر في الأصول أن الخطاب الخاص به صلى الله عليه وسلم يعم حكمه جميع الأمة إلا بدليل على الخصوص كما عقده في مراقي السعود بقوله
وما به قد خوطب النَّبي تعميمه في المذهب السني   
وهو مذهب الأئمة الثلاثة، خلافاً للشافعي القائل بخصوصه به صلى الله عليه وسلم إلا بدليل على العموم، كما بيناه في غير هذا الموضع. وإذا عرفت ذلك فاعلم أن أزواج النَّبي مفروض لهن ومدخول بهن، وقد يفهم من موضع آخر أن المتعة لخصوص المطلقة قبل الدخول. وفرض الصداق معاً. لأن المطلقة بعد الدخول تستحق الصداق، والمطلقة قبل الدخول وبعد فرض الصداق تستحق نصف الصداق. والمطلقة قبلهما لا تستحق شيئاً، فالمتعة لها خاصة لجبر كسرها وذلك في قوله تعالىلاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ } البقرة 236 ثم قالوَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } البقرة 237 فهذه الآية ظاهرة في هذا التفصيل، ووجهه ظهر معقول. وقد ذكر تعالى في موضع آخر ما يدل على الأمر بالمتعة للمطلقة قبل الدخول وإن كان مفروضاً لها، وذلك في قوله تعالىيٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } الأحزاب 49. لأن ظاهر عمومها يشمل المفروض لها الصداق وغيرها، وبكل واحدة من الآيات الثلاث أخذ جماعة من العلماء. والأحوط الأخذ بالعموم، وقد تقرر في الأصول أن النص الدال على الأمر مقدم على الدال على الإباحة، وعقده في مراقي السعود بقوله
وناقل ومثبت والآمر بعد النواهي ثم هذا الآخر   
على إباحة إلخ. فقوله ثم هذا الآخر على إباحة، يعني أن النص الدال على أمر مقدم على النص الدال على إباحة، للاحتياط في الخروج من عهدة الطلب. والتحقيق أن قدر المتعة لا تحديد فيه شرعاً لقوله تعالىعَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ قَدْرُهُ } البقرة 236 فإن توافقا على قدر معين فالأمر واضح، وإن اختلفا فالحاكم يجتهد في تحقيق المناط، فيعين القدر على ضوء قوله تعالىعَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُ } البقرة 236 الآية هذا هو الظاهر وظاهر قولهومَتِّعُوهُنَّ } البقرة 236 وقوله { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ } البقرة 241 يقتضي وجوب المتعة في الجملة خلافاً لمالك ومن وافقه في عدم وجوب المتعة أصلاً، واستدل بعض المالكية على عدم وجوب المتعة بأن الله تعالى قال

السابقالتالي
2