قوله تعالى { أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } الآية الصيب المطر، وقد ضرب الله في هذه الآية مثلاً لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم بالمطر. لأن بالعلم والهدى حياة الأرواح، كما أن بالمطر حياة الأجسام. وأشار إلى وجه ضرب هذا المثل بقوله جل وعلا{ وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً } الأعراف 58. وقد أوضح صلى الله عليه وسلم هذا المثل المشار إليه في الآيتين في حديث أبي موسى المتفق عليه، حيث قال صلى الله عليه وسلم " إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل غيث أصاب أرضاً. فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأَ والعشب الكثير، وكانت منها أَجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها، وسقوا وزرعوا، وأَصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً. فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه الله بما بعثني به، فعلم وعلَّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أَرسلت به ". قوله تعالى { فِيهِ ظُلُمَاتٌ }. ضرب الله تعالى في هذه الآية المثل لما يعتري الكفار والمنافقين من الشبه والشكوك في القرآن، بظلمات المطر المضروب مثلاً للقرآن، وبين بعض المواضع التي هي كالظلمة عليهم. لأنها تزيدهم عمى في آيات أخر لقوله{ وَمَا جَعَلْنَا ٱلْقِبْلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيْهَآ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ } البقرة 143. لأن نسخ القبلة يظن بسببه ضعاف اليقين أن النَّبي صلى الله عليه وسلم، ليس على يقين من أمره حيث يستقبل يوماً جهة، ويوماً آخر جهة أخرى، كما قال تعالى{ سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا } البقرة 143. وصرح تعالى بأن نسخ القبلة كبير على غير من هداه الله وقوى يقينه، بقوله{ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ } البقرة 143 وكقوله تعالى{ وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّؤيَا ٱلَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِي ٱلقُرْآنِ } الإسراء 60 لأن ما رآه ليلة الإسراء والمعراج من الغرائب والعجائب كان سبباً لاعتقاد الكفار أنه صلى الله عليه وسلم كاذب. لزعمهم أن هذا الذي أخبر به لا يمكن وقوعه. فهو سبب لزيادة الضالين ضلالاً. وكذلك الشجرة الملعونة في القرآن التي هي شجرة الزقوم. فهي سبب أيضاً لزيادة ضلال الضالين ضلالاً. وكذلك الشجرة الملعونة في القرآن التي هي شجرة الزقوم. فهي سبب أيضاً لزيادة ضلال الضالين منهم. لأن النَّبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ{ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } الصافات 64 قالوا ظهر كذبه.