الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } * { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً }

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن المتقين الذين كانوا يتقونه في دار الدنيا بامتثال أمره واجتناب نهيه يحشرون إليه يوم القيامة في حال كونهم وفداً. والوفد على التحقيق جمع وافد كصاحب وصحب. وراكب وركب. وقدمنا في سورة " النحل " أن التحقيق أن الفعل بفتح فسكون من صيغ جموع الكثرة للفاعل وصفاً، وبينا شواهد ذلك من العربية، وإن أغفله الصرفيون. والوافد من يأتي إلى الملك مثلاً في أمر له شأن. وجمهور المفسرين على أن معنى قوله { وفداً } أي ركباناً. وبعض العلماء يقول هم ركبان على نجائب من نور من مراكب الدار الآخرة. وبعضهم يقول يحشرون ركباناً على صور من أعمالهم الصالحة في الدنيا في غاية الحسن وطيب الرائحة. قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن خالد عن عمرو بن قيس الملائي عن ابن مرزوق { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال يستقبل المؤمن عند خروجه من قبره أحسن صورة رآها وأطيبها ريحاً، فيقول من أنت؟ فيقول أما تعرفني؟ فيقول لا إلا أن الله قد طيب ريحك، وحسن وجهك، فيقول أنا عملك الصالح، وهكذا كنت في الدنيا حسن العمل طيبه، فطالما ركبتك في الدنيا فهلم اركبني. فذلك قوله { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال ركباناً ". وقال ابن جرير حدثني ابن المثنى، حدثني ابن مهدي عن سعيد عن إسماعيل عن رجل عن أبي هريرة " { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال على الإبل ". وقال ابن جريج على النجائب. وقال الثوري على الإبل النوق. وقال قتادة { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال إلى الجنة. وقال عبد الله ابن الإمام أحمد في مسند أبيه حدثنا سويد بن سعيد، أخبرنا علي بن مسهر عن عبد الرحمن بن إسحاق، حدثنا النعمان بن سعيد قال كنا جلوساً عند علي رضي الله عنه فقرأ هذه الآية { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال والله ما على أرجلهم يحشرون. ولا يحشر الوفد على أرجلهم، ولكن بنوق لم يرَ الخلائق مثلها، عليها رحائل من ذهب فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة!! " وهكذا رواه ابن أبي حاتم، وابن جرير من حديث عبد الرحمن بن إسحاق المدني به، وزاد عليها " رحائل من ذهب، وأزمتها الزبرجد.. " " ، والباقي مثله. وروى ابن أبي حاتم هنا حديثاً غريباً جداً مرفوعاً عن علي قال حدثنا أبي، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، حدثنا سلمة بن جعفر البجلي، سمعت أبا معاذ البصري يقول إن علياً كان ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ هذه الآية { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } فقال ما أظن الوفد إلا الركب يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2