قوله { أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ } الآية أي سلطانهم عليهم وقيضناهم لهم. وهذا هو الصواب. خلافاً لمن زعم أن معنى { أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ } الآية أي خلينا بينهم وبينهم، ولم نعصمهم من شرهم. يقال أرسلت البعير أي خليته. وقوله { تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } الأز والهز والاستفزاز بمعنى، ومعناها التهييج وشدة الإزعاج. فقوله { تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } أي تهيجهم وتزعجهم إلى الكفر والمعاصي. وأقوال أهل العلم في الآية راجعة إلى ما ذكرنا كقول ابن عباس { تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } أي تغويهم إِغْواءً ". وكقول مجاهد { تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } أي تشليهم إشلاءً. وكقول قتادة { تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } أي تزعجهم إزعاجاً. وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة - من أنه سلط الشياطين على الكافرين، وقيضهم لهم يضلونهم عن الحق بينه في مواضع أخر من كتابه. كقوله تعالى{ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } فصلت 25 الآية، وقوله تعالى{ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } الزخرف 36-37 الآية، وقوله تعالى{ وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَامَعْشَرَ ٱلْجِنِّ قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ ٱلإِنْسِ } الأنعام 128 الآية، وقوله{ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ } الأعراف 202، إلى غير ذلك من الآيات.