الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً }

أخرج الشيخان وغيرهما من غير وجه عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال " جئت العاص بن وائل السهمي أتقاضاه حقاً لي عنده. فقال لا أعطيك حتى تكفُر بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم. فقلت لا؟ حتى تموت ثُمَّ تبعث. قال وإني لميث ثم مبعوث؟؟ قلت نعم. قال إن لي هناك مالاً وولداً فأقضيك. فنزلت هذه الآية { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } مريم 77. وقال بعض أهل العلم إن مراده بقوله { لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } الاستهزاء بالدين وبخباب بن الأرت رضي الله عنه، والظاهر - أنه زعم أنه يؤْتى مالا وولداً قياساً منه للآخرة على الدنيا، كما بينا الآيات الدالة على ذلك. كقولهوَلَئِن رُّجِّعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ } فصلت 50، وقولهأَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } المؤمنون 55-56 الآية، وقولهوَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } سبأ 35 إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم إيضاحه. وقرأ هذا الحرف حمزة والكسائي { وولداً } بضم الواو الثانية وسكون اللام. وقرأه الباقون بفتح الواو واللام معاً، وهما لغتان معناهما واحد كالعرب والعرب، والعدم والعدم. ومن إطلاق العرب الولد بضم الواو وسكون اللام كقراءة حمزة والكسائي قول الحارث بن حلزة
ولقد رأيت معاشراً قد ثمروا مالاً وولدا   
وقول رؤبة
الحمد لله العزيز فرداً لم يتخذ من ولد شيءٍ ولدا   
وزعم بعض علماء العربية أن الولد بفتح الواو واللام مفرد. وأن الولد بضم الواو وسكون اللام جمع له. كأسد بالفتح يجمع على أسْد بضم فسكون. والظاهر عدم صحة هذا. ومما يدل على أن " الولد " بالضم ليس بجمع قول الشاعر
فليت فلاناً كان في بطن أمه وليت فلاناً كان ولد حمار   
لأن " الولد " في هذا البيت بضم الواو وسكون اللام، وهو مفرد قطعاً كما ترى.