الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ ٱلْحَقِّ ٱلَّذِي فِيهِ يَمْتُرُونَ }

اعلم أن هذا الحرف فيه قراءتان سبعيتان قرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي { قَوْلَ ٱلْحَقِّ } بضم اللام. وقرأه ابن عامر وعاصم { قَوْلُ ٱلْحَقِّ } بالنصب. والإشارة في قوله " ذلك " راجعة إلى المولود المذكور في الآيات المذكورة قبل هذا. وقوله " ذلك " مبتدأ، " وعيسى " ، خبره، و " ابن مريم " نعت لـ " عيسى " وقيل بدل منه. وقيل خبر بعد خبر. وقوله { قَوْلَ ٱلْحَقِّ } على قراءة النصب مصدر مؤكد لمضمون الجملة. وإلى نحوه أشار ابن مالك بقوله في الخلاصة
والثاني كابني أنت حقاً صرفاً   
وقيل منصوب على المدح وأما على قراءة الجمهور بالرفع " فقول الحق " خبر مبتدأ محذوف، أي هو أي نسبته إلى أمه فقط قول الحق. قال أبو حيان. وقال الزمخشري وارتفاعه على أنه خبر بعد خبر، أو بدل، أو خبر مبتدأ محذوف. قال مقيدة عفا الله عنه وغفر له اعلم أن لفظة " الحق " في قوله هنا " قول الحق " فيها للعلماء وجهان الأول - أن المراد بالحق ضد الباطل بمعنى الصدق والثبوت. كقولهوَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ ٱلْحَقُّ } الأنعام 66 وعلى هذا القول فإعراب قوله " قول الحق " على قراءة النصب أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة كما تقدم. وعلى قراءة الرفع فهو خبر مبتدأ محذوف كما تقدم. ويدل لهذا الوجه قوله تعالى في " آل عمران " في القصة بعينهاٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ } آل عمران 60. الوجه الثاني - أن المراد بالحق في الآية الله جل وعلا. لأن من أسمائه " الحق " كقولهوَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ } النور 25، وقولهذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ } الحج 6 الآية. وعلى هذا القول فإعراب قوله تعالى { قَوْلَ ٱلْحَقِّ } على قراءة النصب أنه منصوب على المدح. وعلى قراءة الرفع فهو بدل من " عيسى " أو خبر، بعد خبر، وعلى هذا الوجه فـ " قول الحق " ، هو " عيسى " كما سماه الله كلمة في قولهوَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ } النساء 171، وقولهإِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ } آل عمران45 الآية. وإنما سمى " عيسى " كلمة لأن الله أوجده بكلمته التي هي " كن " فكان. كما قالإِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن } آل عمران 59. والقول والكلمة على هذا الوجه من التفسير بمعنى واحد. وقوله { ٱلَّذِي فِيهِ يَمْتُرُون } أي يشكون. فالامتراء افتعال من المرية وهي الشك. وهذا الشك الذي وقع للكفار نهى الله عنه المسلمين على لسان نبيهم في قوله تعالى

السابقالتالي
2