الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ ٱنتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً }

أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يذكر في الكتاب وهو القرآن " مريم " حين انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً. وقوله " انتبذت " أي تنحَّت عنهم واعتزلتهم منفردة عنهم. وقوله { مَكَاناً شَرْقِياً } أي مما يلي شرقي بيت المقدس. وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة " إذ " " مريم " بدل اشتمال، لأن الأحيان مشتملة على ما فيها اشتمال الظرف على مظروفه. قاله الزمخشري في الكشاف واعترضه عليه أبو البقاء وأبو حيان والظاهر سقوط اعتراضهما، وأن الصواب معه، والله تعالى أعلم. ولم يذكرهنا شيئاً عن نسب " مريم " ولا عن قصة ولادتها. وبين في غير هذا الموضع أنها ابنة عمران، وأن أمها نذرت ما في بطنها محرراً، تعني لخدمة بيت المقدس، تظن أنها ستلد ذكراً " فولدت مريم ". قال في بيان كونها ابنة عمرانوَمَرْيَمَ ٱبْنَةَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } التحريم 12 الآية. وذكر قصة ولادتها في " آل عمران " في قولهإِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلأُنْثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إنًّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } آل عمران 35-37. وقوله " مكاناً " منصوب لأنه ظرف.