قوله تعالى { وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ }. أمر جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يتلو هذا القرآن الذي أوحاه إليه ربه. والأمر في قوله " واتل " شامل للتلاوة بمعنى القراءة. والتلو بمعنى الاتباع. وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أمره تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بتلاوة القرآن العظيم واتباعه جاء مبيناً في آيات أخر. كقوله تعالى في سورة " العنكبوت "{ ٱتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } العنكبوت 45 الآية، وكقوله تعالى في آخر سورة " النمل "{ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبِّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَ ٱلْقُرْآنَ } النمل 91-92 الآية،{ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } المزمل 4 إلى غير ذلك من الآيات الدالة على الأمر بتلاوته، وكقوله تعالى في الأمر باتباعه{ ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } الأنعام 106، وقوله تعالى{ فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } الزخرف 43، وقوله تعالى{ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } الأحقاف 9، وقوله تعالى{ قُلْ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } يونس 15، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على الأمر باتباع هذا القرآن العظيم. وقد بين في مواضع أخر بعض النتائج التي تحصل بسبب تلاوة القرآن واتباعه. كقوله تعالى{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ } فاطر 29، وقوله تعالى{ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } البقرة 121 والعبرة في هذه الآية بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. قوله تعالى { لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ }. بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه لا مبدل لكلماته. أي لأن أخبارها صدق وأحكامها عدل، فلا يقدر أحد أن يبدل صدقها كذباً. ولا أن يبدل عدلها جوراً وهذا الذي ذكره هنا جاء مبيناً في مواضع أخر، كقوله تعالى{ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } الأنعام 115. فقوله " صدقاً " يعني في الإخبار. وقوله " عدلاً " أي في الأحكام. وكقوله{ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ } الأنعام 34. وقد بين تعالى في مواضع أخر، أنه هو يبدل ما شاء من الآيات مكان ما شاء منها.