الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِٱلْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِّنْهُمْ أَحَداً }

قوله تعالى { سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِٱلْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ }. أخبر جل وعلا في هذه الآية الكريمة عن اختلاف الناس في عدة أصحاب الكهف، فذكر ثلاثة أقوال. على أنه لا قائل برابع، وجاء في الآية الكريمة بقرينة تدل على أن القول الثالث هو الصحيح والأولان باطلان، لأنه لما ذكر القولين الأولين بقوله { سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ } أتبع ذلك بقوله أَحَداً { رَجْماً بِٱلْغَيْبِ } أي قولاً بلا علم، كمن يرمي إلى مكان لا يعرفه فإنه لا يكاد يصيب، وإن أصاب بلا قصد، كقولهوَيَقْذِفُونَ بِٱلْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } سبأ 53 وقال القرطبي الرجم القول بالظن، يقال لكل ما يخرص رجم فيه ومرجوم ومرجم كما قال زهير
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم وما هو عنها بالحديث المرجم   
ثم حكى القول الثالث بقوله { وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ } فأقره، ولم يذكر بعده أن ذلك رجم بالغيب، فدل على أنه صحيح. وقوله { مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ } قال ابن عباس أنا من ذلك القليل الذي يعلمهم، كانوا سبعة. وقوله { قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم } فيه تعليم للناس أن يردوا علم الأشياء إلى خالقها جل وعلا وإن علموا بها، كما أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم بمدة لبثهم في قولهوَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً } الكهف 25 ثم أمره مع ذلك برد العلم إليه جل وعلا في قوله جل وعلاقُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } الكهف 26 الآية. وما قدمنا من أنه لا قائل برابع قاله ابن كثير أخذاً من ظاهر الآية الكريمة. مع أن ابن إسحاق وابن جريج قالا كانوا ثمانية. والعلم عند الله تعالى.