الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً }

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة - أنه ضرب على آذان أصحاب الكهف سنين عدداً. ولم يبين قدر هذا العدد هنا، ولكنه بينه في موضع آخر. وهو قولهوَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً } الكهف 25. وضربه جل وعلا على آذانهم في هذه الآية كناية عن كونه أنامهم ومفعول " ضربنا " محذوف، أي ضربنا على آذانهم حجاباً مانعاً من السماع فلا يسمعون شيئاً يوقظهم. والمعنى أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات. وقوله { سنين عدداً } على حذف مضاف. أي ذات عدد، أو مصدر بمعنى اسم المفعول، أي سنين معدودة. وقد ذكرنا الآية المبينة لقدر عددها بالسنة القمرية والشمسية، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى { وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً }. وقال أبو حيان في البحر في قوله { فضربنا على آذانهم } عبر بالضرب ليدل على قوة المباشرة واللصوق واللزوم، ومنهضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ } آل عمران 112 وضرب الجزية وضرب البعث. وقال الفرزدق
ضرب عليك العنكبوت بنسجها وقضى عليك به الكتاب المنزل   
وقال الأسود بن يعفر
ومن الحوادث لا أبالك أنني ضربت على الأرض بالأسداد   
وقال الآخر
إن المروءة والسماحة والندى في قبة ضربت على ابن الحشرج   
وذكر الجارحة التي هي الآذان، إذ هي يكون منها السمع، لأنه لا يستحكم نوم إلا مع تعطل السمع. وفي الحديث " " ذلك رجل بال الشيطان في أذنه " أي استثقل نومه جداً لا يقوم بالليل اهـ كلام أبي حيان.