الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً }

التحقيق في قوله { ٱلَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ } أنه في محل خفص نعتاً للكافرين. وقد بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن من صفات الكافرين الذين تعرض لهم جهنم يوم القيامة - أنهم كانت أعينهم في دار الدنيا في غطاء عن ذكره تعالى، وكانوا لا يستطيعون سمعاً. وقد بين هذا من صفاتهم في آيات كثيرة، كقوله في تغطية أعينهموَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ } البقرة 7 الآية، وقولهوَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً } الجاثية 23 الآية، وقولهأَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ } الرعد 19، وقولهوَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْـمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } غافر 58 الآية، والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً. وقال في عدم استطاعتهم السمعأَوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ } محمد 23، وقالإِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً } الكهف 57. وقد بينا معنى كونهم لا يستطيعون السمع في أول سورة " هود " في الكلام على قوله تعالىيُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } هود 20 فأغنى عن إعادته هنا. وقد بينا أيضاً طرفاً من ذلك في الكلام على قوله تعالى في هذه السورة الكريمة { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً } وقد بين تعالى في موضع آخر أن الغطاء المذكور الذي يعشو بسببه البصر عن ذكره تعالى يقيض الله لصاحبه شيطاناً فيجعله له قرينا. وذلك في قوله تعالىوَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } الزخرف 36 الآية.