الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً }

هذا المانع المذكور هنا عادي. لأنه جرت عادة جميع الأمم باستغرابهم بعث الله رسلاً من البشر. كقولهقَالُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } إبراهيم10 الآية، وقولهأَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا } المؤمنون47 الآية، وقولهأَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } القمر24، وقولهذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَقَالُوۤاْ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا } التغابن6 الآية، وقولهوَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } المؤمنون34 إلى غير ذلك من الآيات. والدليل على أن المانع في هذه الآية عادي أنه تعالى صرح بمانع آخر غير هذا " في سورة الكهف " وهو قولهوَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً } الكهف55 فهذا المانع المذكور " في الكهف " مانع حقيقي. لأن من أراد الله به سنة الأولين من الإهلاك، أو أن يأتيه العذاب قبلاً - فإرادته به ذلك مانعة من خلاف المراد. لاستحالة أن يقع خلاف مراده جل وعلا. بخلاف المانع " في آية بني إسرائيل " هذه، فهو مانع عادي يصح تخلفه. وقد أوضحنا هذه المسألة في كتابنا " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ".