الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً }

قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة { قَالَ ٱذْهَبْ } هذا أمر إهانة. اي اجهد جهدك، فقد أنظرناك { فَمَن تَبِعَكَ } أي أطاعك من ذرية آدم { فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً } أي وافراً. عن مجاهد وغيره. وقال الزمخشري وأبو حيان { ٱذْهَبْ } ليس من الذهاب الذي هو نقيض المجيء، وإنما معناه امض لشأنك الذي اخترته. وعقبه بذكر ما جره سوء اختياره في قوله { فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً }. وهذا الوعيد الذي أوعد به إبليس ومن تبعه في هذه الآية الكريمة بينه أيضاً في مواضع أخر. كقولهقَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } ص84-85، وقولهفَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَٱلْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ } الشعراء94-95 إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم إيضاحه. وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { جَزَاءً } مفعول مطلق منصوب بالمصدر قبله. على حد قول ابن مالك في الخلاصة
بمثله أو فعل أو وصف نصب وكونه أصلاً لهذين انتخب   
والذي يظهر لي أن قول من قال إن " موفوراً " بمعني وافر لا داعي له. بل " موفوراً " اسم مفعول على بابه. من قولهم وفر الشيء يفره، فالفاعل وافر، والمفعول موفور. ومنه قول زهير
ومن يجعل المعروف من دون عرضه يفره ومن لا يتق الشتم يشتم   
وعليه فالمعنى جزاء مكملاً متمماً. وتستعمل هذه المادة لازمة أيضاً تقول وفر ماله فهو وافر. أي كثير. وقوله " موفوراً " نعت للمصدر قبله كما هو واضح، والعلم عند الله تعالى.