الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }

قوله تعالى { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }. بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن من قتل مظلوماً فقد جعل الله لوليه سلطاناً، ونهاه عن الإسراف في القتل، ووعده بأنه منصور. والنهي عن الإسراف في القتل هنا شامل ثلاث صور الأولى - أن يقتل اثنين أو أكثر بواحد، كما كانت العرب تفعله في الجاهليه. كقول مهلهل بن ربيعة لما قتل بجير بن الحارث بن عباد في حرب البسوس المشهورة بؤبشسع نعل كليب. فغضب الحارث بن عباد، وقال قصيدته المشهورة
قربا مربط النعامة مني لقحت حرب وائل عن حيال قربا مربط النعامة مني إن بيع الكرام بالشسع غالي -إلخ   
وقال مهلهل ايضاً
كل قتيل في كليب غره حتى ينال القتل آل مره   
ومعلوم أن قتل الجماعة بواحد لم يشتركوا في قتله إسراف في القتل داخل في النهي المذكور في الآية الكريمة. الثانية - أن يقتل بالقتيل واحداً فقط ولكنه غير القاتل. لأن قتل البريء بذنب غيره إسراف في القتل، منهي عنه في الآية أيضاً. الثالثة - أن يقتل نفس القاتل ويمثل به. فإن زيادة المثلة إسراف في القتل أيضاً. وهذا هو التحقيق في معنى الآية الكريمة - فما ذكره بعض أهل العلم، ومال إليه الرازي في تفسيره بعض الميل، من أن معنى الآية فلا يسرف الظالم الجاني في القتل. تخويفاً له من السلطان. والنصر الذي جعله الله لولي المقتول لا يخفى ضعفه، وأنه لا يلتئم مع قوله بعده { إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }. وهذا السلطان الذي جعله الله لولي المقتول لم يبينه هنا بياناً مفصلاً، ولكنه أشار في موضعين إلى أن هذا السلطان هو ما جعله الله من السلطة لولي المقتول على القاتل، من تمكينه من قتله إن أحب. ولا ينافي ذلك أنه إن شاء عفا على الدية أو مجاناً. الأول - قوله هنا { فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ } بعد ذكر السلطان المذكور، لأن النهي عن الإسراف في القتل مقترناً بذكر السلطان المذكور يدل على أن السلطان المذكور هو ذلك القتل المنهي عن الإسراف فيه. الموضع الثاني - قوله تعالىكُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى } إلى قولهوَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَاةٌ يٰأُولِي ٱلأَلْبَابِ } البقرة178-179 الآية. فهو يدل على أن السلطان المذكور هو ما تضمنته آية القصاص هذه، وخير ما يبين به القرآن القرآن. مسائل تتعلق بهذه الآية الكريمة. المسألة الأولى - يفهم من قوله { مّظْلُوماً } أن من قتل غير مظلوم ليس لوليه سلطان على قاتله، وهو كذلك، لأن من قتل بحق فدمه حلال، ولا سلطان لوليه في قتله. كما قدمنا بذلك حديث ابن مسعود المتفق عليه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد