الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً }

ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة من حملهم مع نوح تنبيهاً على النعمة التي نجاهم بها من الغرق. ليكون في ذلك تهييج لذرياتهم على طاعة الله. أي يا ذرية من حملنا مع نوح، فنجيناهم من الغرق، تشبهوا بأبيكم، فاشكروا نعمنا. وأشار إلى هذا المعنى في قولهأُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } مريم58 الآية. وبين في مواضع أخر الذين حملهم مع نوح من هم؟ وبين الشيء الذي حملهم فيه، وبين من بقي له نسل، وعقب منهم، ومن انقطع ولم يبق له نسل ولا عقب. فبين أن الذين حملهم مع نوح هم أهله ومن آمن معه من قومه في قولهقُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ } هود40. وبين أن الذين آمنوا من قومه قليل بقوله { وما آمن معه إلا قليل }. وبين أن ممن سبق عليه القول من أهله بالشقاء امرأته وابنه. قال في امرأتهضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَةَ نُوحٍ } التحريم10 إلى قولهٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ } التحريم10، وقال في ابنهوَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ } هود43، وقال فيه أيضاًإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } هود46 الآية. وقوله { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } أي الموعود بنجاتهم في قولهفَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ } المؤمنون27 الآية، ونحوها من الآيات. وبين أن الذي حملهم فيه هو السفينة في قولهقُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا } هود40 الآية. أي السّفينة، وقوله { فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } الآية. أي أدخل فيها - أي السفينة - { مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَك }. وبين أن ذرية من حمل مع نوح لم يبق منها إلا ذرية نوح في قولهوَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِينَ } الصافات77، وكان نوح يحمد الله على طعامه وشرابه، ولباسه وشأنه كله. فسّماه الله عبداً شكوراً. وأظهر أوجه الإعراب في قوله { ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا } الإسراء3 - أن منادى بحرف محذوف.