الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِي ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }

أمر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة الناس على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. لأن أمر القدوة أمر لاتباعه كما قدمنا - أن يقولوا " الحمد لله " أي كل ثناء جميل لائق بكماله وجلاله، ثابت له، مبيناً أنه منزه عن الأولاد والشركاء والعزة بالأولياء، سبحانه وتعالى عن ذلك كله علواً كبيراً. فبين تنزهه عن الولد والصاحبة في مواضع كثيرة. كقولهقُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } الإخلاص1 إلى آخر السورة، وقولهوَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } الجن3، وقولهبَدِيعُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } الأنعام101، وقولهوَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ ٱلسَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } مريم88-92 الآية، والآيات بمثل ذلك كثيرة. وبيَّن في مواضع أخر أنه لا شريك له في ملكه، أي ولا في عبادته. كقولهوَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ } سبأ22، وقولهلِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } غافر16، وقولهتَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } الملك1، وقولهقُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ } آل عمران26 الآية، والآيات بمثل ذلك كثيرة. ومعنى قوله في هذه الآية { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مَّنَ ٱلذُّلِّ } يعني أنه لا يذل فيحتاج إلى ولي يعزبه. لأنه هو العزيز القهار، الذي كل شيء تحت قهره وقدرته، كما بينه في مواضع كثيرة كقولهوَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ } يوسف21 الآية، وقولهإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } البقرة220 والعزيز الغالب. وقولهوَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } الأنعام18 والآيات بمثل ذلك كثيرة. وقوله { وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً } أي عظمه تعظيماً شديداً. ويظهر تعظيم الله في شدة المحافظة على امتثال أمره واجتناب نهيه، والمسارعة إلى كل ما يرضيه، كقوله تعالىوَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ } البقرة185 ونحوها من الآيات، والعلم عند الله تعالى. وروى ابن جرير في تفسير هذه الآية الكريمة عن قتادة أنه قال ذكر لنا أن النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم الصغير والكبير من أهله هذه الآية { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً } الآية. وقال ابن كثير قلت وقد جاء في حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمى هذه الآية آية العز. وفي بعض الآثار أنها ما قرئت في بيت في ليلة فيصيبه سرق أو آفة، والله تعالى أعلم. وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.