ذكر جل وعلا في هذه الآية أن حرص النَّبي صلى الله عليه وسلم على إسلام قومه لا يهدي من سبق في علم الله أنه شقي. وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر. كقوله{ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } القصص 56، وقوله{ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } المائدة 41، وقوله{ مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } الأعراف 186، وقوله{ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِ } الأنعام 125 إلى غير ذلك من الآيات. وقرأ هذا الحرف نافع، وابن عامر، وابن كثير، وأبو عمر{ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ } النحل 37 بضم الياء وفتح الدال. من " يُهدَى " مبنياً للمفعول. وقوله { مِن } نائب الفاعل. والمعنى أن من أضله الله لا يهدي، أي لا هادي له. وقرأه عاصم، وحمزة والكسائي بفتح الياء وكسر الدال، من " يَهدِي " مبنياً للفاعل. وقوله { من } مفعول به ليهدي، والفاعل ضمير عائد إلى الله تعالى. والمعنى أن من أضله الله لا يهديه الله. وهي على هذه القراءة فيمن سبقت لهم الشقاوة في علم الله. لأن غيرهم قد يكون ضالاً ثم يهديه الله كما هو معروف. وقال بعض العلماء لا يهدي من يضل ما دام في إضلاله له. فإن رفع الله عنه الضلالة وهداه فلا مانع من هداه. والعلم عند الله تعالى.