الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ كَذَلِكَ يَجْزِي ٱللَّهُ ٱلْمُتَّقِينَ }

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن المتقين يدخلون يوم القيامة جنات عدن. والعدن في لغة العرب الإقامة.فمعنى جنات عدن جنات إقامة في النعيم، لا يرحلون عنها، ولا يتحولون. وبين في آيات كثيرة أنهم مقيمون في الجنة على الدوام، كما أشار له هنا بلفظة " عدن " ، كقولهلاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً } الكهف108، وقولهٱلَّذِيۤ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ } فاطر 35 الآية. والمقامة الإقامة. وقد تقرر في التصريف أن الفعل إذا زاد على ثلاثة أحرف فالمصدر الميمي منه، واسم الزمان، واسم المكان كلها بصيغة اسم المفعول. وقولهإِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ } الدخان 51 على قراءة نافع وابن عامر بضم الميم من الإقامة. وقولهوَيُبَشِّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً } الكهف 2-3 إلى غير ذلك من الآيات. وقوله في هذه الآية الكريمة { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } النحل 31. بين أنواع تلك الأنهار في قولهفِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ } محمد صلى الله عليه وسلم 15 - إلى قوله -مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى } محمد صلى الله عليه وسلم 15، وقوله هنا { لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ } أوضحه في مواضع أخر. كقولهلَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } ق 35، وقولهوَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } الزخرف 71، وقولهلَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً } الفرقان 16، وقولهلَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْمُحْسِنِينَ } الزمر 34، وقولهوَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } فصلت 31نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ } فصلت 32، إلى غير ذلك من الآيات. وقوله في هذه الآية { كَذَلِكَ يَجْزِي ٱللَّهُ ٱلْمُتَّقِين } النحل 31. يدل على أن تقوى الله هو السبب الذي به تنال الجنة. وقد أوضح تعالى هذا المعنى في مواضع أخر. كقولهتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً } مريم 63، وقولهوَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } آل عمران 133، وقولهإِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } الذارايات 15، وقولهإِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ } الطور 17 إلى غير ذلك من الآيات.