الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ إِنَّ ٱلْخِزْيَ ٱلْيَوْمَ وَٱلْسُّوۤءَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }

قوله تعالى { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ }. أي يفضحهم على رؤوس الأشهاد ويهينهم بإظهار فضائحهم، وما كانت تجنه ضمائرهم، فيجعله علانية. وبين هذا المعنى في مواضع أخر، كقولهأَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ } العاديات 9-10 أي أظهر علانية ما كانت تكنه الصدور، وقولهيَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } الطارق 9. وقد بين جل وعلا في موضع آخر أن من أدخل النار فقد ناله هذا الخزي المذكور، وذلك في قولهرَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ } آل عمران 192 وقد قدمنا في سورة " هود " إيضاح معنى الخزي. قوله تعالى { وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ }. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة. أنه يسأل المشركين يوم القيامة سؤال توبيخ، فيقول لهم أين المعبودات التي كنتم تخاصمون رسلي وأتباعهم بسببها، قائلين إنكم لا بد لكم أن تشركوها معي في عبادتي! وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر، كقولهوَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } القصص 62 وقولهوَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ } الشعراء 92-93، وقولهثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَـالُواْ ضَـلُّواْ عَنَّا } غافر 73-74 الآية، وقولهحَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوۤاْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا } الأعراف 37 الآية، إلى غير ذلك من الآيات. وقرأ عامة القراء { شُرَكَائِيَ } بالهمزة وياء المتكلم، ويروى عن ابن كثير من رواية البزي أنه قرأ " شركاي " بياء المتكلم دون همز، ولم تثبت هذه القراءة. وقرأ الجمهور { تشاقون } بنون الرفع مفتوحة مع حذف المفعول. وقرأ نافع " تشاقون " بكسر النون الخفيفة التي هي نون الوقاية، والمفعول به ياء المتكلم المدلول عليها بالكسرة مع حذف نون الرفع، لجواز حذفها من غير ناصب ولا جازم إذا اجتمعت مع نون الوقاية، كما تقدم تحريره في " سورة الحجر " في الكلام على قوله { فبم تبشرون }.