الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه أوحى إلى نبيَّنا صلى الله عليه وسلم الأمر باتباع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين. وبين هذا أيضاً في غير هذا الموضع كقولهقُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } الأنعام 161، وقولهيٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } الحج 77، إلى قولهمِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم } الحج 78 الآية، وقولهقَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ } الممتحنة 4 الآية، إلى غير ذلك من الآيات. والملة الشريعة. والحنيف المائل عن كل دين باطل إلى دين الحق. وأصله من الحنف وهو اعوجاج الرجلين. يقال برجله حنف أي اعوجاج. ومنه قول أم الأحنف بن قيس ترقصه وهو صبي
والله لولا حنف برجله ما كان في فتيانكم من مثله   
وقوله { حنيفاً } حال من المضاف إليه. على حد قول ابن مالك في الخلاصة
ما كان جزء ما له أضيفا أو مثل جزئه فلا تحيفا   
لأن المضاف هنا وهو { ملَّة } كالجزء من المضاف إليه وهو { إبراهيم } لأنه لو حذف لبقي المعنى تاماً. لأن قولنا أن أتبع إبراهيم، كلام تامُّ المعنى كما هو ظاهر، وهذا هو مراده بكونه مثل جزئه.