الحجر منازل ثمود بين الحجاز والشام عند وادي القرى. فمعنى الاية الكريمة{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ } الشعراء 141، وقد بين تعالى تكذيب ثمود لنبيه صالح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام في مواضع أخر. كقوله{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ } الشعراء 141-142 الآيات وقوله{ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا } الشمس 14 وقوله{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ فَقَالُوۤاْ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } القمر 23-24 وقوله{ فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } الأعراف 77 إلى غير ذلك من الآيات. وإنما قال إنهم كذبوا المرسلين مع أن الذي كذبوه هو صالح وحده لأن دعوة جميع الرسل واحدة، وهي تحقيق معنى " لا إله إلا الله " كما بينه تعالى بأدلة عمومية وخصوصية. قال معمماً لجميعهم{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ } الأنبياء 25 الآية. وقال{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ } النحل 36 وقال{ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } الزخرف 45 إلى غير ذلك من الآيات. وقال في تخصيص الرسل بأسمائهم{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } الأعراف 59 وقال{ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } الأعراف 65 وقال{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } الأعراف 85 إلى غير ذلك من الآيات. فإذا حققت أن دعوة الرسل واحدة عرفت أن من كذب واحداً منهم فقد كذب جميعهم. ولذا صرح تعالى بأن من كفر ببعضهم فهو كافر حقاً. قال{ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ حَقّاً } النساء 150-151 وبين أنه لا تصح التفرقة بينهم بقوله{ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ } البقرة 136 وقوله{ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ } البقرة 285 ووعد الأجر على عدم التفرقة بينهم في قوله{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَـٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ } النساء 152 الآية. وقد بينا هذه المسألة في كتابنا " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ". تنبيه اعلم أنه صلى الله عليه وسلم مر بالحجر المذكور في هذه الآية في طريقه في غزوة تبوك، فقد أخرج البخاري في صحيحه في غزوة تبوك " عن ابن عمر رضي الله عنهما قال لمّا مرَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم بالحجر قال لا تدخلوا مساكن الَّذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم، إلاًّ أن تكونوا باكين " ثمَّ قنَّع رأسه وأسرع السَّير حتَّى أجاز الوادي. وهذا لفظ البخاري.