الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ }

قوله تعالى { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ }. اللواقح لاقح وأصل اللاقح التي قبلت اللقاح فحملت الجنين، ومنه قول ذي الرمة
إذا قلت عاج أو تفتيت أبرقت بمثل الخوافي لاقحاً أو تلقح   
وأصل تلقح تتلقح حذفت إحدى التاءين أي توهم أنها لاقح وليس كذلك ووصف الرياح بكونها لواقح لأنها حوامل تحمل المطر كما قال تعالىحَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً } الأعراف 57 أي حملت سحاباً ثقالاً فاللواقح من الإبل حوامل الأجنة واللواقح من الريح حوامل المطر فالجميع يأتي بخير ولذا كانت الناقة التي لا تلد يقال لها عقيم كما أن الريح التي لا خير فيها يقال لها عقيم كما قال تعالىوَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } الذاريات 41 الآية، وقال بعض العلماء اللواقح بمعنى الملاقح أي التي تلقح غيرها من السحاب والشجر وعلى هذا ففيه وجهان أحدهما أن المراد النسبة فقوله لواقح أي ذوات لقاح كما يقال سائف ورامح أي ذو سيف ورمح ومن هذا قول الشاعر
وغررتني وزعمت أنك لابن في الحي تامر   
أي ذو لبن وتمر، وعلى هذا فمعنى لواقح أي ذوات لقاح لأنها تلقح السحاب والشجر. الوجه الثاني أن لواقح بمعنى ملاقح جمع ملقحة وملقح اسم فاعل ألقحت السحاب والشجر كما يلقح الفحل الأنثى وغاية ما في هذا القول إطلاق لواقح وإرادة ملاقح ونظيره قول ضرار بن نهشل يرثي أخاه يزيد أو غيره
ليبك يزيد ضارع لخصومة ومختبط مما تطيح الطوائح   
فإن الرواية تطيح بضم التاء من أطاح الرباعي والمناسب لذلك المطيحات لا الطوائح ولكن الشاعر أطلق الطوائح وأراد المطيحات، كما قيل هنا بإطلاق اللواقح وإرادة الملاقح أي الملقحات باسم الفاعل ومعنى إلقاح الرياح السحاب والشجر أن الله يجعلها لهما كما يجعل الذكر للأنثى فكما أن الأنثى تحمل بسبب ضراب الفحل فكذلك السحاب يمتلىء ماء بسبب مري الرياح له والشجر ينفتق عن أكمامه وأوراقه بسبب إلقاح الريح له. قال ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } أي تلقح السحاب فتدر ماء وتلقح الشجر فتنفتح عن أوراقها وأكمامها وقال السيوطي في الدر المنثور " وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } قال يرسل الله الريح فتحمل الماء فتلقح به السحاب فيدر كما تدر اللقحة ثم يمطر ". وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال يرسل الله الريح فتحمل الماء من السحاب فتمري به السحاب فيدر كما تدر اللقحة. وأخرج أبو عبيدة وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } الحجر22، قال تلقح الشجرة وتمري السحاب وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي رجاء رضي الله عنه قال قلت للحسن رضي الله عنه { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } قال لواقح للشجر، قلت أو السحاب، قال وللسحاب تمر به حتى يمطر.

السابقالتالي
2 3 4 5 6