قوله تعالى { فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }. بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن نبيه إبراهيم قال إن من تبعه فإنه منه وأنه رد من لم يتبعه إلى مشيئة الله تعالى إن شاء غفر له لأنه هو الغفور الرحيم وذكر نحو هذا عن عيسى ابن مريم في قوله{ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } المائدة 118 وذكر عن نوح وموسى التشديد في الدعاء على قومهما فقال عن نوح إنه قال{ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } نوح 26 إلى قوله{ فَاجِراً كَفَّاراً } نوح 27 وقال عن موسى إنه قال{ رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } يونس 88 والظاهر أن نوحاً وموسى عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام ما دعوا ذلك الدعاء على قومهما إلا بعد أن علما من الله أنهم أشقياء في علم الله لا يؤمنون أبداً، أما نوح فقد صرح الله تعالى له بذلك في قوله{ وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ } هود 36 وأما موسى فقد فهم ذلك من قول قومه له{ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } الأعراف 132 فإنهم قالوا هذا القول بعد مشاهدة تلك الآيات العظيمة المذكورة في الأعراف وغيرها.