الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ }

بين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن السر والجهر عنده سواء، وأن الاختفاء والظهور عنده أيضاً سواء لأنه يسمع السر كما يسمع الجهر، ويعلم الخفى كما يعلم الظاهر، وقد أوضح هذا المعنى في آيات أخر كقولهوَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ ٱجْهَرُواْ بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ } الملك 13 -14 وقولهوَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } طه 7 وقولهأَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } هود 5 وقولهوَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ } ق 16 الآية - إلى غير ذلك من الآيات. وأظهر القولين في المستخفي بالليل والسارب بالنهار أن المستخفي هو المختفي المستتر عن الأعين، والسارب هو الظاهر البارز الذاهب حيث يشاء. ومنه قول الأخنس بن شهاب التغلبي
وكل أناس قاربوا قيد فحلهم ونحن خلعنا قيده فهو سارب   
أي ذاهب حيث يشاء ظاهر غير خاف. وقول قيس بن الخطيم
أني سربت وكنت غير سروب وتقرب الأحلام غير قريب   
وقيل السارب الداخل في السرب ليتوارى فيه، والمستخفي الظاهر من خفاه يخفيه إذا أظهره. ومنه قول امرىء القيس
خفاهن من أنفاقهن كأنما خفاهن ودق من عشى مجلب