الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ }

قوله تعالى { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ }. لم يبين هنا هذا الذي أجمعوا أمرهم عليه، ولم يبين هنا أيضاً المراد بمكرهم. ولكنه بين في أول هذه السورة الكريمة أن الذي أجمعوا أمرهم عليه هو جعله في غيابة الجب، وأن مكرهم هو ما فعلوه بأبيهم يعقوب وأخيهم يوسف. وذلك في قولهفَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ ٱلْجُبِّ } يوسف 15 إلى قولهوَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ } يوسف 18. وقد أشار تعالى في هذه الآية الكريمة إلى صحة نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم. لأنه أنزل عليه هذا القرآن، وفصل له هذه القصة. مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن حاضراً لدى أولاد يعقوب حين أجمعوا أمرهم على المكر به، وجعله في غيابة الجب. فلولا أن الله أوحى إليه ذلك ما عرفه من تلقاء نفسه. والآيات المشيرة لإثبات رسالته، بدليل إخباره بالقصص الماضية التي لا يمكنه علم حقائقها إلا عن طريق الوحي كثيرة. كقولهوَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ } آل عمران 44 الآية. وقولهوَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ } القصص 22 الآية. وقولهوَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ } القصص 44 الآية. وقولهوَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } القصص 46 الآية. وقولهمَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَـَلإِ ٱلأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } ص 69 - 70. وقولهتِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـٰذَا } هود 49 الآية. إلى غير ذلك من الآيات. فهذه الآيات من أوضح الأدلة على أنه صلى الله عليه وسلم، رسول كريم، وإن كانت المعجزات الباهرة الدالة على ذلك أكثر من الحصر.