الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ }

اعلم أن العلماء اختلفوا في المراد بالحروف المقطعة في أوائل السور اختلافاً كثيراً، واستقراء القرآن العظيم يرجح واحداً من تلك الأقوال، وسنذكر الخلاف المذكور وما يرجحه القرآن منه بالاستقراء فنقول، وبالله جل وعلا نستعين قال بعض العلماء هي مما استأثر الله تعالى بعلمه. كما بيناه في " آل عمران " وممن روي عنه هذا القول أبو بكر، وعمر، وعثمان. وعلي، وابن مسعود – رضي الله عنهم – وعامر والشعبي، وسفيان الثوري، والربيع بن خيثم، واختاره أبو حاتم بن حبان. وقيل هي أسماء للسور التي افتتحت بها. وممن قال هذا بهذا القول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. ويروى ما يدل لهذا القول عن مجاهد، وقتادة، وزيد بن أسلم. قال الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر. ونقل عن سيبويه أنه نص عليه. ويعتضد هذا القول بما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة { الم } السجدة، و { هل أتى على الإنسان } ". ويدل له أيضاً قول قاتل محمد السجاد بن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما يوم الجمل، وهو شريح ابن أبي أوفى العبسي. كما ذكره البخاري في صحيحه في أول سورة المؤمن
يذكرني حاميم والرمح شاجر فهلا تلا حاميم قبل التقدم   
وحكى ابن إسحاق أن هذا البيت للأشتر النخعي قائلاً إنه الذي قتل محمد بن طلحة المذكور. وذكر أبو مخنف أنه لمدلج بن كعب السعدي. ويقال كعب بن مدلج. وذكر الزبير بن بكار أن الأكثر على أن الذي قتله عصام بن مقشعر. قال المرزباني وهو الثبت، وأنشد له البيت المذكور وقبله
وأشعث قوام بآيات ربه قليل الأذى فيما ترى العين مسلم هتكت له بالرمح جيب قميصه فخر صريعاً لليدين وللفم على غير شيء غير أن ليس تابعاً علياً ومن لا يتبع الحق يندم   
يذكرني حاميم... البيت. ا هـ من فتح الباري. فقوله " يذكرني حاميم " ، بإعراب " حاميم " إعراب ما لا ينصرف – فيه دلالة على ما ذكرنا من أنه اسم للسورة. وقيل هي من اسماء الله تعالى. وممن قال بهذا سالم بن عبد الله، والشعبي، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير، وروي معناه عن ابن عباس رضي الله عنهما وعنه أيضاً أنها أقسام أقسم الله بها. وهي من أسمائه. وروي نحوه عن عكرمة. وقيل هي حروف، كل واحد منها من اسم من أسماءه جل وعلا. فالألف من " الم " مثلاً مفتاح اسم الله، واللام مفتاح اسمه اللطيف، والميم مفتاح اسمه مجيد، وهكذا. ويروى هذا عن ابن عباس، وابن مسعود، وأبي العاليه.

السابقالتالي
2 3