الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي ٱلأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }

قوله تعالى { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي ٱلأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً }. صرح تعالى في هذه الآية الكريمة أنه لو شاء إيمان جميع أهل الأرض لآمنوا كلهم جميعاً، وهو دليل واضح على أن كفرهم واقع بمشيئته الكونية القدرية. وبين ذلك أيضاً في آيات كثيرة كقوله تعالىوَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ } الأنعام 107 الآية، وقولهوَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } السجدة 13، وقولهوَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } الأنعام 35 إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى { أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }. بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن من لم يهده الله فلا هادي له، ولا يمكن أحداً أن يقهر قلبه على الانشراح إلى الإيمان إلا إذا أراد الله به ذلك. وأوضح ذلك المعنى في آيات كثيرة كقولهوَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } المائدة 41، وقولهإِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ } النحل 37 الآية، وقولهإِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } القصص 56 الآية، وقولهمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ } الأعراف 186، والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً كما تقدم، في " النساء ". والظاهر أنها غير منسوخة، وأن معناها أنه لا يهدي القلوب ويوجهها إلى الخير إلا الله تعالى وأظهر دليل على ذلك أن الله أتبعه بقولهوَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } يونس 100 الآية.