الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ }

خطاب للمشركين الموجودين الذين خوطبوا بقوله تعالىإن ما توعدون لواقع } المرسلات 7، وهو استئناف ناشىء عن قولهإنا كذلك نجزي المحسنين } المرسلات 44 إذ يثير في نفوس المكذبين المخاطبين بهذه القوارع ما يكثر خطوره في نفوسهم من أنهم في هذه الدنيا في نعمة محققة وأن ما يُوعدون به غير واقع فقيل لهم { كلوا وتمتّعوا قليلاً }. فالأمر في قوله { كلُوا وتمتَّعوا } مستعمل في الإِمهال والإِنذار، أي ليس أكلكم وتمتعكم بلذات الدنيا بشيء لأنه تمتع قليل ثم مأواكم العذاب الأبدي قال تعالىلا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد } آل عمران 196، 197. وجملة { إنكم مجرمون } خبر مستعمل في التهديد والوعيد بالسوءِ، أي إن إجرامكم مُهْوٍ بكم إلى العذاب، وذلك مستفاد من مقابلة وصفهم بالإِجرام بوصفالمتقين } المرسلات 41 بالإِحسان إذ الجزاء من جنس العمل، فالجملة واقعة موقع التعليل. وتأكيد الخبر بـ إنَّ لرد إنكارهم كونَهم مجرمين.