الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ }

الهمّاز كثير الهمزة. وأصل الهمز الطعن بعود أو يد، وأطلق على الأذى بالقول في الغيبة على وجه الاستعارة وشاع ذلك حتى صار كالحقيقة وفي التنزيلويل لكلّ هُمَزَة } الهمزة 1. وصيغة المبالغة راجعة إلى قوة الصفة، فإذا كان أذى شديداً فصاحبه { همّاز } وإذا تكرر الأذى فصاحبه { همّاز }. { مَشَّاءٍ بنميم } الذي يَنِمّ بين الناس، ووصفه بالمشّاء للمبالغة. والقول في هذه المبالغة مثل القول في { هَمَّاز } وهذه رَابعَة المذامّ. والمشي استعارة لتشويه حاله بأنه يتجشم المشقة لأجل النميمة مثل ذِكر السعي في قوله تعالىويسعَوْن في الأرض فساداً } المائدة 64، ذلك أن أسماء الأشياء المحسوسة أشدّ وقعاً في تصوّر السامع من أسماء المعقولات، فذِكر المشي بالنميمة فيه تصوير لحال النمّام، ألا ترى أن قولك قُطِع رأسُه أوقعُ في النفس من قولك قُتِل، ويدل لذلك أنه وقع مثله في قول النبي صلى الله عليه وسلم " وأمَّا الآخَرُ فكان يمشي بالنميمة " والنميم اسم مرادف للنميمة، وقيل النميم جمع نميمة، أي اسمُ جمع لنميمة إذا أريد بها الواحدة وصيرورتُها اسماً.