جملة معترضة والواو اعتراضية، أي وإن لهم عذاباً في الدنيا قبل عذاب الآخرة، وهو عذاب الجوع في سني القحط، وعذاب السيف يوم بدر. وفي قوله { للذين ظلموا } إظهار في مقام الإِضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقال وإن لهم عذاباً جرياً على أسلوب قوله{ فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون } الطور 45 فخولف مقتضى الظاهر لإِفادة علة استحقاقهم العذاب في الدنيا بأنها الإِشراك بالله. وكلمة { دون } أصلها المكان المنفصل عن شيء انفصالاً قريباً، وكثر إطلاقه على الأقل، يقال هو في الشرف دونَ فلان، وعلى السابق لأنه أقرب حلولاً من المسبوق، وعلى معنى غير. و { دون } في هذه الآية صالحة للثلاثة الأخيرة، إذ المراد عذابٌ في الدنيا وهو أقل من عذاب الآخرة قال تعالى{ ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر } السجدة 21 وهو أسبق من عذاب الآخرة لقوله تعالى { دون العذاب الأكبر } ، وهو مغاير له كما هو بيّن. ولكون هذا العذاب مستبعداً عندهم وهم يرون أنفسهم في نعمَة مستمرة كما قال تعالى{ ليقولَنَّ هذا لي } فصلت 50 أُكد الخبر بــــ { إنّ } فالتأكيد مراعى فيه شكهم حين يسمعون القرآن، كما دل عليه تعقيبه بقوله { ولكن أكثرهم لا يعلمون }. والاستدراك الذي أفادته لكنَّ راجع إلى مفاد التأكيد، أي هو واقع لا محالة ولكن أكثرهم لا يعلمون وقوعه، أي لا يخطر ببالهم وقوعه، وذلك من بطرهم وزهوهم ومفعول { لا يعلمون } محذوف اختصاراً للعمل به وأسند عدم العلم إلى أكثرهم دون جميعهم لأن فيهم أهْل رأي ونظر يتوقعون حلول الشر إذا كانوا في خير. والظلم الشرك قال تعالى{ إن الشرك لظلم عظيم } لقمان 13 وهو الغالب في إطلاقه في القرآن.