يجوز أن يتعلق { يوم تمور السماء } بقوله{ لواقع } الذاريات 7 على أنه ظرف له فيكون قوله { فويل يومئذٍ للمكذبين } تفريعاً على الجملة كلها ويكون العذاب عذاب الآخرة. ويجوز أن يكون الكلام قد تم عند قوله{ إن عذاب ربك لواقع } الذاريات 7، فيكون { يوم } متعلقاً بالكون الذي بين المبتدأ والخبر في قوله { فويل يومئذٍ للمكذبين } وقدم الظرف على عامله للاهتمام، فلما قدم الظرف اكتسب معنى الشرطية وهو استعمال متبع في الظروف والمجرورات التي تُقدم على عواملها فلذلك قرنت الجملة بعده بالفاء على تقدير إن حَلَّ ذلك اليوم فويل للمكذبين. وقوله { يومئذٍ } على هذا الوجه أريد به التأكيد للظرف فحصل تحقيق الخبر بطريقين طريق المجازاة، وطريق التأكيد في قوله { يوم تمور السماء موراً } الآية، تصريح بيوم البعث بعد أن أشير إليه تضمناً بقوله { إن عذاب ربك لواقع } فحصل بذلك تأكيده أيضاً. والمور بفتح الميم وسكون الواو التحرك باضطراب، ومور السماء هو اضطراب أجسامها من الكواكب واختلال نظامها وذلك عند انقراض عالم الحياة الدنيا. وسيْر الجبال انتقالها من مواضعها بالزلازل التي تحدث عند انقراض عالم الدنيا، قال تعالى{ إذا زلزلت الأرض زلزالها } الزلزلة 1 إلى قوله{ يومئذٍ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم } الزلزلة 6. وتأكيد فعلي { تمور } و { تسير } بمصدري { مَوْراً } و { سَيْراً } لرفع احتمال المجاز، أي هو مور حقيقي وتنقل حقيقي. والويل سوء الحال البالغ منتهى السوء، وتقدم عند قوله تعالى{ فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم } في سورة البقرة 79 وتقدم قريباً في آخر الذاريات. والمعنى فويل يومئذٍ للذين يكذبون الآن. وحذف متعلق للمكذبين لعلمه من المقام، أي الذين يكذبون بما جاءهم به الرسول من توحيد الله والبعث والجزاء والقرآن فاسم الفاعل في زمن الحال. والخوض الاندفاع في الكلام الباطل والكذب. والمراد خوضهم في تكذيبهم بالقرآن مثل ما حكى الله عنهم{ وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } فصلت 26 وهو المراد بقوله تعالى{ وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره } الأنعام 68. و { في } للظرفية المجازية وهي الملابسة الشديدة كملابسة الظرف للمظروف، أي الذين تمكن منهم الخوض حتى كأنه أحاط بهم. و { يلعبون } حاليّة. واللعب الاستهزاء، قال تعالى{ ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أباللَّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون } التوبة 65.