الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ }

يجوز أن يكون اسم الموصول بدلاً من { كَفَّار عنيد } فإن المعرفة تبدل من النكرة كقوله تعالىوإنك لتهْدِي إلى صراط مستقيم صراطِ الله } الشورى 52، 53، على أن الموصول هنا تعريفه لفظي مجرد لأن معنى الصلة غير مخصوص بمعيّن، وأن قوله { فألقياه } تفريع علىألقِيا في جهنم كلّ كفار عنيد } ق 24 ومصبّ التفريع المتعلِّق وهو { في العذاب الشديد } ، أي في أشد عذاب جهنم تفريعاً على الأمر بإلقائه في جهنم تفريع بيان، وإعادة فعل { ألقيا } للتأكيد مع تفريع متعلق الفعل المؤكد. وهذا من بديع النظم، ونظيره قوله تعالىكذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدَنا وقالوا مجنون وازدجر } القمر 9 ففرع على قوله { كذّبت } إلخ قوله { فكذّبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر }. ومنه قوله تعالىلا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبّون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنّهم بمفازة من العذاب } آل عمران 188، فالمقصود بالتفريع هو قوله { بمفازة من العذاب } وإعادة { تحسبنهم } تفيد التأكيد، وعليه فـــ { الذي جعل مع الله إلاها آخر } الكفّار المضاف إليهكلّ } ق 24 فهو صادق على جماعة الكفّارين فضمير النصب في { ألقيناه } بمنزلة ضمير جمع، أي فألقياهم. ويجوز أن يكون اسم الموصول مبتدأ على استئناف الكلام ويضمّن الموصول معنى الشرط فيكون في وجود الفاء في خبره لأجل ما فيه من معنى الشرط وهذا كثير. والمقصود منه هنا تأكيد العموم الذي في قوله { كل كفّار عنيد }.