الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ }

عُقّب أمرهم بالتّقوى بذكر ما وَعد الله به المتّقين ترغيباً في الامتثال، وعطف عليه حال أضداد المتّقين ترهيباً. فالجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً. ومفعول { وعد } الثّاني محذوف تنزيلاً للفعل منزلة المتعدّي إلى واحد. وجملة { لهم مغفرة } مبيّنة لجملة { وعد الله الذين آمنوا } ، فاستغني بالبيان عن المفعول، فصار التقدير وعد الله الّذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجراً عظيماً لهم. وإنَّما عدل عن هذا النظم لما في إثبات المغفرة لهم بطريق الجملة الاسمية من الدلالة على الثبات والتقرّر. والقصر في قوله { أولئك أصحاب الجحيم } قصر ادّعائي لأنّهم لمّا كانوا أحقّ النّاس بالجحيم وكانوا خالدين فيه جعلوا كالمنفردين به، أو هو قصر حقيقي إذا كانت إضافة { أصحاب } مؤذنة بمزيد الاختصاص بالشيء كما قالوه في مرادفها، وهو ذو كذا، كما نبّهوا عليه في قولهوالله عزيز ذُو انتقام } آل عمران 4 فيكون وجه هذا الاختصاص أنّهم الباقون في الجحيم أبداً.