الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ }

جواب عن قولهأن لا تعبدوا إلا الله } الأحقاف 21، ولذلك جاء فعل { قالوا } مفصولاً على طريق المحاورة. والاستفهام إنكار. والمجيء مستعار للقصد بطلب أمر عظيم، شبه طروّ الدعوة بعد أن لم يكن يدعو بها بمجيء جاء لم يكن في ذلك المكان. والأفك بفتح الهمزة الصرَّف، وأرادوا به معنى الترك، أي لنترك عبادة آلهتنا. وهذا الإنكار تعريض بالتكذيب فلذلك فرع عليه { فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين } فصرحوا بتكذيبه بطريق المفهوم. والمعنى ائتنا بالعذاب الذي تَعِدنا به، أي عذاب اليوم العظيم، وإنما صرَفوا مراد هود بالعذاب إلى خصوص عذاب الدنيا لأنهم لا يؤمنون بالبعث وبهذا يؤذن قوله بعدهفلما رأوه عارضاً } الأحقاف 24 وقولهبل هو ما استعجلتم به } الأحقاف 24. وأرادوا ائتنا به الآن لأن المقام مقام تكذيب بأن عبادة آلهتهم تجر لهم العذاب. و { من الصادقين } أبلغ في الوصف بالصدق من أن يقال إن كنت صادقاً، كما تقرر في قوله تعالىوكان من الكافرين } في سورة البقرة 34، أي إن كنت في قولك هذا من الذين صدَقوا، أي فإن لم تأت به فما أنت بصادق فيه.