الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } * { وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ }

تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم على ما تضمنه قولهفكَفرُوا به } الصافات 170 وبيان لبعض الوعيد الذي في قولهفسوف يعلمون } الصافات 170 بمنزلة بدل البعض من الكل ولكنه غلب عليه جانب التسلية فعطف بالواو عطف القصة على القصة.والكلمة مراد بها الكلامُ، عبر عن الكلام بكلمة إشارة إلى أنه منتظم في معنى واحد دال على المقصود دلالة سريعة فشبه بالكلمة الواحدة في سرعة الدلالة وإيجاز اللفظ كقوله تعالىكلا إنها كلمة هو قائلها } المؤمنون 100 وقول النبي صلى الله عليه وسلم " أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد "
ألا كل شيء ما خلا الله باطل   
وبُينت الكلمة بجملة { إنَّهم لهم المنصُورُونَ } ، أي الكلام المتضمن وعدهم بأن ينصرهم الله على الذين كذبوهم وعادَوهم وهذه بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم عقب تسليته لأنه داخل في عموم المرسلين.وعطف { وإنَّ جُندنا لهم الغالِبُونَ } بشارة للمؤمنين فإن المؤمنين جند الله، أي أنصاره لأنهم نصروا دينه وتلقوا كلامه، كما سموا حزب الله في قولهكتب اللَّه لأغلبن أنا ورسلي إن اللَّه قوي عزيز } المجادلة21 إلى قولهأولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه } المجادلة22 إلى قولهأولئك حزب اللَّه ألا إن حزب اللَّه هم المفلحون } المجادلة22. وقوله { لهُمُ الغالِبُونَ } يشمل علوّهم على عدوّهم في مقام الحجاج وملاحم القتال في الدنيا، وعلوّهم عليهم في الآخرة كما قال تعالىوالذين اتقوا فوقهم يوم القيامة } البقرة 212 فهو من استعمال { الغالِبُونَ } في حقيقته ومجازه.ومعنى { المنصُورون } و { الغالِبُونَ } في أكثر الأحوال وباعتبار العاقبة، فلا ينافي أنهم يُغلبون نادراً ثم تكون لهم العاقبة، أو المراد النصر والغلبة الموعود بهما قريباً وهما ما كان يوم بدر.