الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ }

استئناف بياني لأن قولهإلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا } لقمان 23 يثير في نفوس السامعين سؤالاً عن عدم تعجيل الجزاء إليهم، فبيّن بأن الله يُمهِلُهم زمناً ثم يوقعهم في عذاب لا يجدون منه منجى. وهذا الاستئناف وقع معترضاً بين الجمل المتعاطفة. والتمتيع العطاء الموقت فهو إعطاء المتاع، أي الشيء القليل. و { قليلاً } صفة لمصدر مفعول مطلق، أي تمتيعاً قليلاً، وقلته بالنسبة إلى ما أعدّ الله للمسلمين أو لقلة مدته في الدنيا بالنسبة إلى مدة الآخرة، وتقدم عند قوله تعالىومتاع إلى حين } في الأعراف 24. والاضطرار الإلجاء، وهو جعل الغير ذا ضرورة، أي لزوم، وتقدم عند قوله تعالىثم أضْطَرُّه إلى عذاب النار } في سورة البقرة 126. والغليظ من صفات الأجسام وهو القوي الخشن، وأطلق على الشديد من الأحوال على وجه الاستعارة بجامع الشدة على النفس وعدم الطاقة على احتماله. وتقدم قولهونجيناهم من عذاب غليظ } في سورة هود 58 كما أطلق الكثير على القوي.