الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ }

{ أمْ } منقطعة، فهي مثل بَل للإضراب هو إضراب انتقالي. وإذ كان حرف { أم } حرفَ عطف فيجوز أن يكون ما بعدها إضراباً عن الكلام السابق فهو عطف قصة على قصة بمنزلة ابتداءٍ، والكلام توبيخ ولوم متصل بالتوبيخ الذي أفاده قولهفتمتعوا فسوف تعلمون } الروم 34. وفيه التفات من الخطاب إلى الغيبة إعراضاً عن مخاطبتكم إلى مخاطبة المسلمين تعجيباً من حال أهل الشرك. ويجوز أن يكون ما بعدها متصلاً بقولهبل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم } الروم 29 فهو عطف ذَم على ذم وما بينهما اعتراض. وحيثما وقعت { أمْ } فالاستفهام مقدَّر بعدها لأنها ملازمة لمعنى الاستفهام. فالتقدير بل أأنزلنا عليهم سلطاناً وهو استفهام إنكاري، أي ما أنزلنا عليهم سلطاناً، ومعنى الاستفهام الإنكاري أنه تقرير على الإنكار كأن السائل يسأل المسؤول ليقر بنفي المسؤول عنه. والسلطان الحجة. ولما جعل السلطان مفعولاً للإنزال من عند الله تعين أن المراد به كتاب كما قالواحتى تنزل علينا كتاباً نَقرؤه } الإسراء 93. ويتعين أن المراد بالتكلم الدلالة بالكتابة كقوله تعالىهذا كتابنا ينطق عليكم بالحق } الجاثية 29، أي تدل كتابته، أي كتب فيه بقلم القدرة أن الشرك حق كقوله تعالىأم ءاتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون } الزخرف 21. وقدم { به } على { يشركون } للاهتمام بالتنبيه على سبب إشراكهم الداخل في حيز الإنكار للرعاية على الفاصلة.