الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلْمُفْلِحِينَ }

تخلل بين حال المشركين ذكر حال الفريق المقابل وهو فريق المؤمنين على طريقة الاعتراض لأن الأحوال تزداد تميزاً بذكر أضدادها، والفاء للتفريع على ما أفاده قولهفعميت عليهم الأنباء } القصص 66 من أنهم حق عليهم العذاب. ولما كانت أما تفيد التفصيل وهو التفكيك والفصل بين شيئين أو أشياء في حكم فهي مفيدة هنا أن غير المؤمنين خاسرون في الآخرة وذلك ما وقع الإيماء إليه بقولهفهم لا يتساءلون } القصص 66 فإنه يكتفى بتفصيل أحد الشيئين عن ذكر مقابله ومنه قوله تعالىفأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل } النساء 175 أي وأما الذين كفروا بالله فبضد ذلك. والتوبة هنا الإقلاع عن الشرك والندم على تقلده. وعطف الإيمان عليها لأن المقصود حصول إقلاع عن عقائد الشرك وإحلال عقائد الإسلام محلها ولذلك عطف عليه { وعمل صالحاً } لأن بعض أهل الشرك كانوا شاعرين بفساد دينهم وكان يصدهم عن تقلد شعائر الإسلام أسباب مغرية من الأعراض الزائلة التي فتنوا بها. و عسى ترج لتمثيل حالهم بحال من يرجى منه الفلاح. و { أن يكون من المفلحين } أشد في إثبات الفلاح من أن يفلح، كما تقدم غير مرة.