الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } * { قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ }

تخلص من إثبات بعثة الرسل وبعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى إبطال الشركاء لله، فالجملة معطوفة على جملةأفمن وعدناه وعداً حسناً } القصص 61 مفيدة سبب كونهم من المحضرين، أي لأنهم اتخذوا من دون الله شركاء، وزعموا أنهم يشفعون لهم فإذا هم لا يجدونهم يوم يحضرون للعذاب، فلك أن تجعل مبدأ الجملة قوله { يناديهم } فيكون عطفاً على جملةثم هو يوم القيامة من المحضرين } القصص 61 أي يحضرون و { يناديهم فيقول أين شركائي } الخ. ولك أن تجعل مبدأ الجملة قوله { يوم يناديهم }. ولك أن تجعله عطف مفردات فيكون { يوم يناديهم } عطفاً علىيوم القيامة من المحضرين } القصص 61 فيكون { يوم يناديهم } عين { يوم القيامة } وكان حقه أن يأتي بدلاً من { يوم القيامة } لكنه عدل عن الإبدال إلى العطف لاختلاف حال ذلك اليوم باختلاف العنوان، فنزل منزلة يوم مغاير زيادة في تهويل ذلك اليوم. ولك أن تجعل { يوم يناديهم } منصوباً بفعل مقدر بعد واو العطف بتقدير اذكر، أو بتقدير فعل دل عليه معنى النداء. واستفهام التوبيخ من حصول أمر فظيع، تقديره يوم يناديهم يكون ما لا يوصف من الرعب. وضمير { يناديهم } المرفوع عائد إلى الله تعالى. وضمير الجمع المنصوب عائد إلى المتحدث عنهم في الآيات السابقة ابتداء من قولهوقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا } القصص 57 فالمنادون جميع المشركين كما اقتضاه قوله تعالى { أين شركائي الذين كنتم تزعمون }. والاستفهام بكلمة { أين } ظاهره استفهام عن المكان الذي يوجد فيه الشركاء ولكنه مستعمل كناية عن انتفاء وجود الشركاء المزعومين يومئذ، فالاستفهام مستعمل في الانتفاء. ومفعولا { تزعمون } محذوفان دل عليهما { شركائي الذين كنتم تزعمون } أي تزعمونهم شركائي، وهذا الحذف اختصار وهو جائز في مفعولي ظن. وجردت جملة { قال الذين حق عليهم القول } عن حرف العطف لأنها وقعت في موقع المحاورة فهي جواب عن قوله تعالى { أين شركائي الذين كنتم تزعمون }. والذين تصدوا للجواب هم بعض المنادين بــــ { أين شركائي الذين كنتم تزعمون } علموا أنهم الأحرياء بالجواب. وهؤلاء هم أيمة أهل الشرك من أهل مكة مثل أبي جهل وأمية بن خلف وسدنة أصنامهم كسادن العزى. ولذلك عبّر عنهم بــــ { الذين حقّ عليهم القول } ولم يعبر عنهم بــــ قالوا. ومعنى { حق عليهم القول } يجوز أن يكون { حق } بمعنى تحقق وثبت ويكون القول قولا معهوداً وهو ما عهد للمسلمين من قوله تعالىحقَّ القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } السجدة 13 وقولهأفمن حق عليه كلمة العذاب } الزمر 19 فالذين حق عليهم القول هم الذين حل الإبان الذي يحق عليهم فيه هذا القول. والمعنى أن الله ألجأهم إلى الاعتراف بأنهم أضلوا الضالين وأغووهم. ويجوز أن يكون { حق } بمعنى وجب وتعين، أي حق عليهم الجواب لأنهم علموا أن قوله تعالى { فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون } موجه إليهم فلم يكن لهم بد من إجابة ذلك السؤال.

السابقالتالي
2 3