الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }

عطف على جملةولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم } القصص 47 الآية، وما عطف عليها من قولهفلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى } القصص 48. والتوصيل مبالغة في الوصل، وهو ضم بعض الشيء إلى بعض يقال وصل الحبل إذا ضم قطعه بعضها إلى بعض فصار حبلاً. والقول مراد به القرآن قال تعالىإنه لقول فصل } الطارق 13 وقالإنه لقول رسول كريم } الحاقة 40، فالتعريف للعهد، أي القول المعهود. وللتوصيل أحوال كثيرة فهو باعتبار ألفاظه وصل بعضه ببعض ولم ينزل جملة واحدة، وباعتبار معانيه وصل أصنافاً من الكلام وعداً، ووعيداً، وترغيباً، وترهيباً، وقصصاً ومواعظ وعبراً، ونصائح يعقب بعضها بعضاً وينتقل من فن إلى فن وفي كل ذلك عون على نشاط الذهن للتذكر والتدبر. واللام وقد كلاهما للتأكيد رداً عليه إذ جهلوا حكمة تنجيم نزول القرآن وذُكرت لهم حكمة تنجيمه هنا بما يرجع إلى فائدتهم بقوله { لعلهم يذَّكَرون }. وذكر في آية سورة الفرقان 32 حكمة أخرى راجعة إلى فائدة الرسول صلى الله عليه وسلم بقولهوقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنُثبِّت به فؤادك } وفهم من ذلك أنهم لم يتذكروا. وضمير { لهم } عائد إلى المشركين.