الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ }

موقع هذا موقع الاستئناف البياني لأن قولهوإن ربّك لذو فضل على الناس } النمل 73 يثير سؤالاً في نفوس المؤمنين أن يقولوا إن هؤلاء المكذبين قد أضمروا المكر وأعلنوا الاستهزاء فحالهم لا يقتضي إمهالهم؟ فيجاب بأن الذي أمهلهم مطلع على ما في صدورهم وما أعلنوه وأنه أمهلهم مع علمه بهم لحكمة يعلمها. وفيه إشارة إلى أنهم يكنون أشياء للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، منها أنهم يتربصون بهم الدوائر، وأنهم تخامر نفوسهم خواطر إخراجه وإخراج المؤمنين. وهذا الاستئناف لما كان ذا جهة من معنى وصف الله بإحاطة العلم عطفت جملته على جملة وصف الله بالفضل، فحصل بالعطف غرض ثان مهم، وحصل معنى الاستئناف البياني من مضمون الجملة. وأما التوكيد بــــ { إن } فهو على نحو توكيد الجملة التي قبله. ولكَ أن تجعله لتنزيل السائل منزلة المتردد وذلك تلويح بالعتاب. و { تكن } تخفي وهو من أكن إذا جعل شيئاً كانّاً، أي حاصلاً في كن. والكنّ المسكن. وإسناد { تكن } إلى الصدور مجاز عقلي باعتبار أن الصدور مكانه. والإعلان الإظهار.