الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَٱلأَمْرُ إِلَيْكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ }

جواب بأسلوب المحاورة فلذلك فُصل ولم يعطف كما هي طريقة المحاورات. أرادوا من قولهم نحن، جماعة المملكة الذين هم من أهل الحرب. فهو من إخيار عرفاء القوم عن حال جماعاتهم ومن يفوض أمرهم إليهم. والقوة حقيقتها ومجازها تقدم عند قوله تعالىفخذها بقوة } في سورة الأعراف 145. وأطلقت على وسائل القوة كما تقدم في قوله تعالىوأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة } في سورة الأنفال 60، أي وسائل القدرة على القتال والغلبة، ومن القوة كثرة القادرين على القتال والعارفين بأساليبه. والبأسُ الشدة على العدوّ، قال تعالىوالصابرين في البأساء والضراء وحينَ البأس } البقرة 177 أي في مواقع القتال، وقالبأسهم بينهم شديد } الحشر 14، وهذا الجواب تصريح بأنهم مستعدون للحرب للدفاع عن ملكهم وتعريض بأنهم يميلون إلى الدفع بالقوة إن أراد أن يكرههم على الدخول تحت طاعته لأنهم حملوا ما تضمنه كتابه على ما قد يفضي إلى هذا. ومع إظهار هذا الرأي فوّضوا الأمر إلى الملكة لثقتهم بأصالة رأيها لتنظر ما تأمرهم فيمتثلونه، فحذف مفعول { تأمرين } ومتعلقه لظهورهما من المقام، والتقدير ما تأمريننا به، أي إن كان رأيك غير الحرب فمُري به نُطعك. وفعل { انظري } معلق عن العمل بما بعده من الاستفهام وهو { ماذا تأمرين }. وتقدم الكلام على { ماذا } في قولهوإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم } في سورة النحل 24.